يأتي تنظيم الجمعية التونسية لعلوم الزكاة لندوة علمية في ” دور الزكاة في التشغيل والتنمية” بتاريخ 20 و21 أفريل 2016 بتونس العاصمة في إطار الاهتمام المتواصل للجمعية بالتطبيقات الاقتصادية الإسلامية المعاصرة خاصة ما يرتبط بمعضلتي الفقر والبطالة التين تفاقمتا في السنوات الأخيرة.
وتم عقد ندوة وذلك بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين المختصيين من مصر والأردن والسودان وقطر وليبيا …الذين تفضلوا بمناقشة المحاور الآتية:
المحور الأول “أي دور لمؤسسة الزكاة في تونس والمحور الثاني ” الإطار الشرعي لاستثمار أموال الزكاة” والمحور الثالث ” أثر الزكاة في التشغيل والتنمية” علاوة على عرض مجموعة من التجارب في دول عربية من قبل مدراء دواوين وصناديق الزكاة بينوا فيها مساهمة المؤسسات الزكوية في مجهود التنمية والتشغيل.
“إحداث مؤسسة زكاة تونسية”
وقد استهل الخبير المحاسب ورئيس الجمعية التونسية لعلوم الزكاة محمد مقديش في مداخلته بالحديث عن مدى أهمية استثمار أموال الزكاة في الوقت الراهن ودعا إلى ضرورة تفعيل مقترح القانون الأساسي المتعلق بإنشاء مؤسسة زكاة في أقرب الآجال قصد تنظيم وتقنين عملية جمع أموال الزكاة التي تتم اليوم بطريقة عشوائية. وأكد السيد محمد مقديش أن إحداث هذه المؤسسة سيقطع الطريق أمام بعض الجمعيات التي تجمع تلك الأموال أمام الجوامع وثبت تورطها في تمويل الإرهاب وفي تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، كما أكد السيد مقديش أن مشروع مؤسسة الزكاة سيكون موجها أساسا للعاطلين عن العمل والفقراء وسيمكن من دعم جهود الحكومة في مجابهة مشاكل البطالة والإرهاب.
وأضاف أن العديد من المؤسسات الاقتصادية الكبرى والمدرجة بالبورصة وعدد من المواطنين بالخارج يجدون صعوبة في طرق احتساب زكاتهم وفي منحها إلى مستحقيها وهم يطالبون بإطار قانوني يجمع الزكاة. وأفاد رئيس الجمعية التونسية لعلوم الزكاة أن مشروع قانون مؤسسة الزكاة معروض منذ سنة 2012 على طاولة مجلس النواب ينص على أن تكون هذه المؤسسة مستقلة وغير تابعة للحكومة .
ومن جهته عبر السيد وزير الشؤون الدينية محمد خليل عن دعمه لمشروع قانون مؤسسة الزكاة يكون تحت رعاية وزارتي الشؤون الاجتماعية والمالية يساهم عبر مصرف الغارمين في امتصاص ديون الدولة والمؤسسات العمومية والبلديات لدفع عجلة التنمية ، ودعا إلى تأصيل هذا التوجه فقهيا لتلعب الزكاة دورها في التشغيل والتنمية.
“الزكاة هي دفع للتنمية”
وفي ذات السياق تطرق الدكتور أشرف دوابة للحديث عن الزكاة وأثرها في التشغيل والتنمية مؤكدا أن الزكاة هي دفع للتنمية الحقيقية في الدولة وذلك أنها تحفز الغني لكي يستثمر أمواله، ومن ثم فهي تحارب الاكتناز وتدفع برؤوس الأموال إلى ميدان النشاط الاقتصادي وهو الأمر الذي يخلق كثيرا من فرص العمل التي ما كانت لتتوفر إذا لم تخرج هذه الأموال إلى مجال الاستثمار.
و أضاف الدكتور منير التليلي أن الزكاة تدفع العاطل إلى الكسب والعمل لكيلا يضل عالة يستحق الزكاة بل يسعى إلى أن يحصل نتاج هذا الكسب حتى يملك نصاب الزكاة حتى يرضي ربه بهذه الفريضة ،ولقد ترجمت الشريعة الإسلامية هذا وساعدت هذا العاطل عندما كان عاجزا عن الكسب بتوفير رأس المال الذي يساعده على أن يعمل به في حرفته أو صنعته من خلال مصارف الزكاة ومن ثم فهذا العاطل إذا استحق من مصارف الزكاة غدا بيديه قوة شرائية تغذي جانب الاستهلاك في الاقتصاد وهو ما يساهم في دوران عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة. وهو الأمر الذي تغفل عنه الكثير من الشعوب العربية والمسلمة في عصرنا حيث أن ضعف القدرة الشرائية في يد شريحة اجتماعية كبيرة تسبب الركود الاقتصادي وندرة فرص العمل وهو الأمر الذي حاربته الزكاة من خلال دواوين وصناديق ومسؤولين آمنوا وراهنوا على هذه الفريضة الربانية.
تجارب ناجحة
إن تنزيل مشروع الزكاة مرتبط ارتباطا وثيقا بالتجربة البشرية فهناك تجارب استطاعت أن ترى النجاح نظرا لوعي المسؤولين عليها بضرورة الحزم في تطبيق مقتضيات الزكاة، فمن التجارب الناجحة والتي اختتمت بعرضها الندوة الدولية الثالثة نذكر مثلا التجربة الأردنية والتي قدمها مدير عام صندوق الزكاة الأردني الدكتور سليمان شيحان فقد أفاد الدكتور أن الصندوق استطاع كفالة 42 ألف يتيم وقدم مساعدات شهرية ل17 ألف أسرة فقيرة وبعث 60 ألف مشرع خلال سنة 2015 استهدف الشباب العاطل عن العمل وساعدهم في شق مسار حياتهم المهنية ومنه المشاركة في الحد من ظاهرة الفقر وبالتالي ساهم الصندوق الأردني في النماء الاقتصادي.
وقد ختم مداخلته بالإشارة إلى أن الزكاة باب من أبواب التنمية، قائلا ” إنها تفتح الباب على مصراعيه لها ، لأنها تتجه أصلا لفئات ضعيفة، ومن ثم فهي تضع تحت أيديهم رأس مال يمكنهم من العيش، وعلاوة على ذلك فهي تعطيهم فرص الاستثمار جزء بما يعود عليهم بدخل يغنيهم.