تميز ملتقى صفاقس الدولي الثالث للمالية الإسلامية الذي نظمته كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بصفاقس بالتعاون مع الجمعية التونسية للزكاة وكلية الاقتصاد بجامعة الزاوية في ليبيا والبنك الإسلامي للتنمية والجمعية التونسية للاقتصاد الاسلامي بصفاقس يومي 16 و17 جوان 2014 بمشاركة عشرات الباحثين الذين قدموا من قرابة 17 بلدا شقيقا وصديقا.
ويمثل المشاركون في هذا الملتقى الذي انتظم تحت عنوان “المالية الإسلامية ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية: الصكوك الاستثمارية والصكوك الوقفية” كلا من الجزائر وموريتانيا ومصر والإمارات والبحرين وتركيا وماليزيا وأندونسيا وباكستان واليمن وفلسطين والأردن والعراق والسودان وفرنسا واستراليا وهولندا.
أهمية الصكوك
وأكد الملتقى على أن الاهتمام بالمالية الإسلامية هو استجابة لحاجة ملحة لموارد مالية إضافية يستفيد من خدماتها المجتمع ومن بينها الصكوك التي تتميز بالتنوع والمرونة وتختلف عن السندات من حيث أنها أصول ملكية حقيقية.
كما أكد على أن الاهتمام بالصكوك يأتي نتيجة اعتبارات عديدة منها نجاحها في الإسهام المتميز في العملية التنموية في دول عديدة في إفريقيا والخليج وآسيا وأوروبا وبالنظر للنمو المطرد الذي عرفه قطاعها إذ تجاوزت نسبته 27% منذ سنة 2011.
كما أن هذه الصكوك تعد من أفضل حصون الحماية من الأزمات ومن ارتفاع معدلات التضخم وندرة السيولة المعيقة للنشاط الاقتصادي والاجتماعي وهو ما جعل دولا من الشرق والغرب تلجأ إلى الصكوك للتخفيف من وطأة الأزمات المالية وآثار تداعياتها الخطيرة على الحياة بمختلف أبعادها.
أبرز توصيات الملتقى
ومقابل التأكيد على أهمية الصكوك في العملية التنموية باعتبارها أداة تمويل متميزة ومبتكرة ضمن الهندسة المالية الإسلامية نبه المشاركون في الملتقى إلى جملة من النقاط أهمها ضرورة تقريب وجهات النظر الفقهية في الصكوك وتعميق البحث في كيفية التخفيف من المخاطر عند الإصدار إضافة إلى مزيد توضيح الطرح النظري وتطبيقاته العملية التي تختلف من تجربة إلى أخرى لكل من ماهية الصكوك وتصنيفاتها وأنواعها و طرق إصدارها وشروط تداولها.
وتم التاكيد كذلك على ضرورة إرساء إدارة كفأة للصكوك باعتبارها سر ربحيتها ونموها وعلى مراعاة الاعتبارات الأخلاقية والتدقيق في مسألة ضمان إصدار الصكوك وتداولها من طرف جهة مستقلة عن مصدرها أوالمشرف على تداولها.
وشدد المشاركون على ضرورة ضمان حق حملة الصكوك في المراقبة عبر إخضاع حوكمتها إلى مراقبة من طرف ثالث يكون مستقلا عن الإدارة و حملة الصكوك في نفس الوقت والاعتماد على فقه المقاصد الشرعية حتى يتجنب التلاعب من خلال حيل فقهية وبهدف ضمان مزيد من التناغم مع روح الشريعة الإسلامية وجعلها أكثر انسجاما وخدمة للمقاصد التنموية للصكوك.
الإطار القانوني و المحاسبي للمالية الإسلامية
على صعيد آخر تطرق ملتقى صفاقس الدولي الثالث للمالية الإسلامية إلى الإطار القانوني والمحاسبي للصكوك وتقنية احتسابها وإصدارها وتداولها وضبط أرباحها وتوزيع ريعها وأشار إلى ضرورة رفع التحديات الشرعية والقانونية والتنظيمية التقنية في عملية إصدار الصكوك.
وعمق الملتقى النظر من خلال المداخلات وحصص النقاش والورشات في الدور التنموي للصكوك سواء في الجانب الاقتصادي عبر الصكوك الاستثمارية أو في الجانب الاجتماعي عبر الصكوك الوقفية.
و في هذا السياق تم عرض التجربة السودانية من خلال إصدارها لصكوك الاستثمار الحكومي كأوراق مالية قابلة للتداول قصد زيادة النمو بتحويلها إلى معدات وأصول وسلع وتحقيق الاستقرار الاقتصادي لأنها لا تتسبب في التضخم بما أن الأموال المستخدمة ذات وجود فعلي.
وأبرزت المداخلات كيف أن الصكوك يمكن أن توفر حلا عمليا لتنمية الأوقاف خدمة للمجتمع من خلال ابتكار أدوات مالية وهي صكوك حصص الإنتاج وأسهم المشاركة والإجارة والمقارضة (المضاربة)
وبينت ان هناك مجال واسع للاستفادة من آلية الصكوك الإسلامية في مجال الاستثمار في البنى التحتية ليس في الدول الإسلامية فقط بل على المستوى العالمي نظرا لان هذه الآلية تمتاز عن غيرها من الآليات باعتمادها مبدأ المشاركة في المخاطرة.
قانون الصكوك في تونس
وحول قانون الصكوك في تونس وواقعها وآفاق تداولها سواء في تونس أو ليبيا وقع التركيز على أن القانون المشار إليه هو بالأساس قانون عام دون أن يخوض في خصوصيات الإصدار وتدقيقاته.
و تمت الدعوة لاستكمال الإطار التشريعي بإصدار القرارات الترتيبية للقانون المنظم للصكوك في إطار منظومة قانونية متكاملة والتي سيكون من أبرز تجلياتها قانون الأوقاف وقانون بيت الزكاة و التأمين التكافلي.
و تمت الدعوة أيضا للشروع في بدأ تنفيذ الإصدار الأول للصكوك.
كما أوصى الملتقى بأن لا يكون هدف الإصدار توفير السيولة للميزانية سدا لعجزها ولكن توجيهه لخدمة أغراض تنموية و أن لا يوجد تضارب ما بين هيئة الجهة المصدرة و هيئة الوزارة المسؤولة على إصدار الصكوك السيادية.
وأكد الملتقى على الآفاق الواعدة للصكوك في كل من ليبيا وتونس وضرورة الاستفادة من تجربة البلدين و ذلك عبر تبادل الخبرات في ميدان إصدار الصكوك و صناديق الاستثمار الإسلامية بتونس مع تجربة إصدار قانون الصيرفة الإسلامية بليبيا.
ويذكر أن الدورة الأولى للملتقى أقيمت بصفاقس حول “المالية الإسلامية والتنمية الجهوية” يومي 22 و23 جوان 2012 في حين خصص الملتقى الدولي الثاني لمواضيع مقاومة الفقر والبطالة عبر الزكاة والأوقاف والتمويل الأصغر وذلك أيام 27 و 28 و 29 جوان 2013.